عندمانتحدث عن الابتكار والإبداع فإننا نعني الشخص الذي يملك فكرًا قادرًاعلى فعل أشياء بطرق جديدة ومختلفة باستخدام
خياله وقدراته الابتكارية، فهل يمكن أن ينطبق هذا على الطفل؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول إن الأطفال لديهم القدرة الإبداعية التي تبدو كأنها شيء بدهي ولد معهم فلهم وجهة نظرهم الأصلية المنشأ بكونهم مخلوقات جديدة في عالم غريب ومعقد.والطريقة الوحيدة التي يدرك بها الأطفال عالمهم هو الاكتشاف وذلك باستخدام حواسهم فهم يجربون لماذا تبدو الأشياء بهذه الصورة وهل يمكن تغييرها. إنهم يجربون كل ما حولهم بروح التعجب والفضول والاندفاع للاكتشاف بشكل أصيل لا يخلو من اللهو ولذا نجد أن الطفل غالبًا ما يسأل أسئلة غريبة ومحرجة.واللعب يعتبر من الوسائل المهمة لتنمية الكثير من القدرات العقلية وبخاصة القدرة على الإبداع والابتكار وهذا النوع من العمليات العقلية لا يتفتح ولا ينطلق إلا بالمعطيات الحسية لأعمال الذكاء العامة. إن الفكر يقوى وينشط بميدان حياتي نشط يجرب فيه الطفل ويلاحظ ويقارن ويصل للنتائج بنفسه في بيئة تسودها الحرية والتقبل والتشجيع.فالحرية هي الطريق الملائم لتنمية قدرة الإبداع فالطفل يحتاج للحرية ليكتشف ويجرب ويخترع ولعل تدخل الكبار يفسد هذا الهدف.بجانب ذلك القبول والتشجيع فإن ملكة الابتكار والإبداع تزدهر عندما يتم قبولها وتشجيعها من دون تعريضها للحماية الزائدة أو النظام القاسي.انطلاقًا من أهمية اللعب وأثره على نمو وتطور الابتكار والإبداع واستنادًا إلى نتائج دراسات عديدة في هذا المجال، منها دراسة قامت بها كاتبة هذا المقال عام 1997 لنيل درجة الدكتوراه عن أهمية اللعب وأثره في تطور نمو الطفل المعرفي والاجتماعي والحركي، تبين الأثر الفعال في استخدام اللعب في تنمية الابتكار والإبداع وخصوصًا اللعب الإيهامي.فاللعب بحرية في بيئة ثرية بالأدوات والخامات المتعددة والمتجددة والمعدة الإعداد الجيد لإظهار هذا النوع من اللعب سوف تبرز طفلاً مبدعًا.هناك ارتباط وثيق بين اللعب الإيهامي والإبداع لأسباب أهمها تنمية قدرة الطفل على تجاوز حدود الواقع، أي أن يذهب الطفل بخياله عندما يلعب إلى ما وراء القيود التي يفرضها الواقع.فهذا النوع من اللعب يساعد الطفل على تنمية الابتكار بإجباره على استخدام خياله في فهم الدور المراد تمثيله وفهم الموقف والقواعد المترتبة على هذا الدور والحلول التي توصل إليها لتجسيد الخيال حتى يصبح الموقف أكثر واقعية، كأن يتخيل الطفل أن الحذاء الذي يلعب به أصبح سيارة يدفعها ويصدر صوتًا يدل على أنها سيارة تسير في شوارع معينة لتنقله إلى مكان معين.ويبدأ هذا اللعب بسيطًا في عمر السنة والنصف عندما يضع الطفل يده على أذنه ويمثل أنه يتحدث من خلال الهاتف ويتطور ويصبح أكثر تعقيدًا بعد السنة الثانية عندما تتخيل الطفلة أنها الأم التي تصدر القوانين بالتحدث بلهجة معينة باستخدام إشارات معينة.فمحاولة الطفلة استخدام الرموز الصوتية والحركية لتمثيل هذا الدور وهذا الموقف فيها من الإبداع والابتكار الشيء الذي لا يمكن تجاهله.يعتمد هذا اللعب على استخدام الطفل رموزًا من البيئة لربط الواقع بالخيال، وهذا فيه استخدام للكثير من القدرات المعرفية كالتذكر والاستدلال وإيجاد البدائل لحالات افتراضية وغيرها من العمليات المعرفية.واستخدام الطفل لهذا النوع من اللعب يساعد الطفل على الانتقال وبسرعة من التفكير الحدسي المعتمد على الحس إلى التفكير المنطقي.أيضًا اللعب البنائي من الألعاب التي تساهم في تطور ونمو الابتكار والإبداع والمقصود باللعب البنائي التعامل اليدوي مع الموضوعات ويكون محتوى البرنامج من ألعاب البناء والتشكيل وألعاب التعديل والتغيير مثل الرمل والصلصال والماء والمكعبات والصور غير المتكاملة، وهذا النوع من الألعاب يشجع على تنشيط الخيال عند الطفل ويساهم في تطور قدراته الابتكارية.وفي الختام يمكن اقتراح بعض الأساليب التي تساعدنا على تهيئة طفل مبدع ومبتكر:ـ تنمية الخيال الابتكاري من خلال اللعب الموجه لمساعدة الطفل على الابتكار والإبداع كاللعب الإيهامي والبنائي وعدم تقييد الطفل بل تقبله وتشجيعه.ـ تشجيع الطفل على حب الاستطلاع بإحاطته ببيئة ثرية ومتنوعة تساعده على إثارة الإحساس بالملاحظة الدقيقة والاستنتاج.ـ تقبل الطفل وتشجيع إبداعه بتسجيله وإظهاره لإشعاره بأهمية أفكاره وقيمتها.ـ توفير الأدوات المتجددة والباعثة على الإثارة وحب الاكتشاف